يوهان وولفغانغ آماديوس موزارت
في الثانية من عمره أظهر ميلاً فطرياً واهتماماً كبيراً بالدروس الموسيقية التي كان والده يلقنها لابنته نانرل. وقد لاحظ والده تلك الرغبة الملحة في ابنه فراح يلقنه أصول الموسيقى أيضاً. وفي سن الثالثة كان يحصل على درس يومي مدته ساعة كاملة.
في سن الخامسة راح يؤلف مقطوعات قصيرة لكي تعزف على آلة الهاربسيكورد. وفي سن السادسة عزف أمام الهيئة الموسيقية في ميونخ وكذلك في فيينا بحضرة ماريا تاريزا امبراطورة النمسا.
عندما بلغ سن السابعة عزف أمام الأسرة الملكية في كل من فرساي وباريس.
بعد ذلك ذهب مع والده إلى بريطانيا وعزف أمام الملكة شارلوت. وفي بريطانيا ألف سيمفونيته الأولى التي أذهلت الجمعية الملكية نظراً لمعرفته العميقة بالموسيقى وأسرارها. وقد عقدت الدهشة ألسنة أساتذة الجامعات الأوروبية وهو يقوم أحياناً بتنويعات تلقائية على بعض النغمات ثم يأخذ عصا والده ويجعل منها حصاناً يركبه ويخب به في القاعة الملكية.
بعد ذلك طلب رئيس أساقفة سالزبورغ من والده كي يعود مع ابنه إلى المدينة ولدى عودتهما وضع الإبن في غرفة منعزلة وقد أقفل بابها وطلب منه تأليف أوراتوريو (نشيد ديني يتم أداؤه بأصوات فردية مصحوبة بجوقة وفرقة موسيقية) وقد فعل ذلك ليبرهن أن الإبن ليس نابغة كما يشاع عنه بل أن شهرته تقوم أصلا على النفاق والتضليل. لكن المحروس يوهان ألف المقطوعة مؤكداً بذلك لغبطة البطريرك أنه قدها وقدود! وبعد ذلك بأسابيع قليلة تم عزف الأوراتوريو في كنيسة صاحب الغبطة نفسه!
في العام 1769 قصد الصبي إيطاليا ليتعلم بعض الموسيقى الإيطالية وقد عزف أمام الجماهير المنذهلة في كل من ميلانو وبولونيا وفيرونا ونابولي وروما ثم حصل على لقب كافاليير من الحبر الأعظم نفسه إضافة إلى وسام المهماز الذهبي وهي تكريمات لا تمنح إلى للعظماء والنبلاء.
وفي ميلانو أيضاً قام بعمل فذ لا نظير له، إذ دوّن من الذاكرة المقطوعة الموسيقية (ميزاريري) الخاصة بقداسة البابا التي يحظر إخراج نسخ منها من الكنيسة البابوية.
في ميلانو ألف أوبرا ميتريداتي وعمره لا يتجاوز الأربعة عشر عاماً، فتم إنشادها على مدى عشرين ليلة متوالية دون توقف. وفي عام 1775 ألف أوبرا في كارنيفال ميونيخ وكل مقطع منها كان يقابل بتصفيق حاد وحماس منقطع النظير.
في سن الثانية والعشرين ذهب إلى مدينة مانهايم الألمانية وشرع بالتدريس والتأليف، حيث بدأت مآسي حياته تتبدى له.
سكن مع إحدى العائلات وهام بحب الإبنة ألوسيا التي كان يدربها كي تصبح مغنية أوبرا. بعد ذلك بقليل ذهب إلى باريس بصحبة والدته حيث راح يعمل بجد واجتهاد. فجأة توفيت أمه فعاد موزارت إلى مانهايم ليكون قرب حبيبته, لكنه وجدها قد أصابت حظاً من نجاح بفضل تعليمه لها فشمخت بأنفها وتكبرت عليه فلم تستقبله، فعاد إلى مسقط رأسه سالزبورغ والحزن ينهش قلبه حيث ألـّف بعض القداسات والأوبرات.
في سن السادسة والعشرين عاد إلى فيينا فتعرف على كوستانزا شقيقة حبيبته الأولى ألوسيا فتزوجها بالرغم من معارضة والده لذلك الزواج بعد زواجه وعلى مدى حوالي العشر سنين راح يكدح ليل نهار في التعليم والتأليف وإحياء الحفلات الموسيقية بسرعة عجيبة. أما زوجته التي يقال بأنها كانت أنانية، سقيمة ومتقوقعة فقد نغصّت عليه حياته وأرهقته بالديون. وكانت تقيس نجاحه بمقدار المال الذي يكسبه.
وفي خضم تلك التجارب الصعبة ألف أعظم أوبراته مثل فيغارو والفلوت السحري ودون جيفاني التي لن تفقد شعبيتها ما دام على الأرض أناس يتذوقون الموسيقى الراقية ويعرفون قيمتها.
همه الأوحد كان التحرر من ديونه الباهظة فواصل العمل حتى أصيب بالإعياء وراح يشعر بدنو أجله وهو في سن الخامسة والثلاثين.
في عامه الأخير أتي إليه أحد النبلاء النمساويين وعرض عليه مبلغاً من المال لقاء تأليف مقطوعة جنائزية دون أن يشرح له السبب من وراء طلبه ذلك. قبل موزارت العرض وشرع في العمل. لكن الوهن راح يدب في أوصاله ومع ذلك فقد جاهد نفسه لإنهاء تلك المعزوفة المحزنة التي كان الغرض منها في الأساس أن تعزف في جنازته دون أن يخطر له ذلك على بال.
في خريف 1791ولدى عودته من إحدى جولات عمله لاحظت زوجته الذبول غير العادي الذي اعتراه والضعف الذي ألمّ به فحاولت إسعافه لكن دون جدوى.
إذ في الخامس من كانون الأول 1791 وبينما كان يشرح الطريقة التي ينبغي أن يعزف بها اللحن الجنائزي غاص في وسادته وفارق الحياة.
لقد كان على درجة كبيرة من الفقر بحيث أن جنازته كانت غاية في البساطة, وبما أن يوم وفاته كان ماطراً وعاصفاً فلم يشيعه أحد من أصدقائه إلى مقبرة الفقراء.
مرت فترة لم تزر خلالها زوجته المقبرة، ولما ذهبت لزيارة قبره وجدت أن حفار القبور قد نبش قبر زوجها ورفع عظامه من القبر ليدفن فقير آخر مكانه.
فيما بعد تم تشييد نصيب تذكاري فخم له فوق ضريح فارغ لأن أحداً لا يعلم أين ذهبت رفات العبقري الخالد موزارت.اهم اعماله :
1786 : أوبرا (زواج فيجارو)
1787 : أوبرا (السيد جيوفاني)
1779 : أوبرا (كوزي فان توتي)
1791 : أوبرا(الفلوت السحرى)
بيتر إليتش تشايكوفسكي
حياته
ولد تشايكوفسكي في مدينة فوتكنسك في روسيا، دخل مدرسة القانون في سانت بطرسبرغ عام 1855 م، ثم اتجه إلى دراسة الموسيقى في معهد الموسيقى بسانت بطرسبرغ من عام 1862 إلى 1866 م.كان تشايكوفسكي أول الموسيقيين الذين تلقوا تدريبا منظما في أساسيات الموسيقى وفي السادسة والعشرين من عمره عُين أستاذا لتدريس الموسيقى في معهد موسكو للموسيقى من عام 1866 وحتى عام 1877 م.
كانت بدايته الجدية في التأليف في حوالي عام 1866 م، تطورت أحاسيسه وانفعالاته في هذه الأثناء خلال فترات طويلة من الإحباط النفسي، ومن المثير للعجب أنه قد ألف بعضا من أكثر مقطوعاته الموسيقية بهجة خلال هذه الفترة.
اشترت أرملة ثرية اسمها نادزدا فون مك الحقوق الأدبية المتعلقة ببعض أعمال تشايوفسكي عام 1876 م بعد أن أعجبت بموسيقاه ووافقت على تقديم الدعم والمساندة له، حتى يتوفر له الجو المناسب للتأليف الموسيقي، وقد وفر له ذلك دخلا مضمونا مما جعله يتخلص من معهد موسكو للموسيقى، مركزا جهده على التأليف الموسيقي، قام بحولات كثيرة وشارك في افتتاح قاعة كارنيجي في مدينة نيويورك.
مؤلفاته
يعد تشايوفسكي من أوائل الموسيقيين الروس الذين اشتهروا عالميا، فقد كان متمكنا من تنسيق الفرقة الموسيقية -الأوركسترا- بمقدرة فذة من مزج أصوات الآلات الموسيقية المختلفة بخلق الأثر الموسيقي المتنامي، وكانت له أيضا موهبة خاصة في كتابة المقطوعات الغنائية.
وصف تشايوفسكي بأنه مؤلف الموسيقى التي يغلب عليها الحزن.
ومن أهم أعمال تشايوفسكي السيمفونيات الثلاث الأولى والتي نادرا ما تؤدي في الوقت الحاضر.
وتعد سيمفونيته الرابعة أولى روائعه على النمط السيمفوني، كما أن سيمفونيته الخامسة هي الأجمل من حيث التركيب المنظم.
اعمال خالدة
تضم أعمال تشايوفسكي الموسيقية الأخرى «الكابريشيو الإيطالي»، «نتكراكر سويت» بالإضافة إلى أربع مقطوعات أخرى، تعتبر مؤلفات تشايوفسكي الأخرى «كونشرتو للبيانو» و«الأوركسترا رقم 1» من الكلاسيكيات في هذا المجال، ومؤلفات عدة للباليه منها «بحيرة البجع» و«الجمال النائم» كتب تشايوفسكي، مؤلفاته للأوبرا، ولكن التي اشتهرت من خارج روسيا هي فقط أوبرا « يوجين أفوجين » و«ملك العناكب». أما في موسيقى الآلات فأهم أعماله رباعيته الوترية الثالثة، وقصيدته السيمفونية «العاصفة»، وافتتاحياته السيمفونية، «مانفرد» و«روميو وجوليت» و«هاملت» و«فرلاانشكا داريمني».
لودفيج فان بيتهوفن
1770-1827م
لودفيج فان بيتهوفن (1770-1827م) مؤلف موسيقي ألماني ولد عام 1770 م في مدينة بون.
يعتبر من أبرز عباقرة الموسيقى في جميع العصور، وأبدع أعمالاً موسيقية خالدة. له الفضل الأعظم في تطوير الموسيقى الكلاسيكية. قدم أول عمل موسيقي وعمره 8 سنوات.
تشمل مؤلفاته للأوركسترا تسـعة سيمفونيات وخمس مقطوعات موسيقية على البيانو ومقطوعة على الكمان. كما ألّف العديد من المقطوعات الموسيقية كمقدمات للأوبرا.
بدأ بيتهوفن يفقد سمعه في الثلاثينيات من عمره إلا أن ذلك لم يؤثر على إنتاجه الذي ازداد في تلك الفترة وتميز بالإبداع. من أجمل أعماله السمفونية الخامسة والسادسة والتاسعة. وقد توفي في فيينا عام 1827 م.
حياته في فيينا عاصمة الموسيقى
في 1789 م تحقق حلمه أخيراً، فقد أرسله حاكم بون إلى فيينا، وهناك تتلمذ على يد هايدن. ولكن بيتهوفن، صاحب الألحان واجه بعض الخلافات مع معلمه، وعندما سافر هايدن إلى لندن، تحول بيتهوفن إلى معلمين آخرين مثل ساليري وشينك وألبريشتبيرجر. وقد أسهمت كل هذه الدروس والاحتكاكات في تكوين شخصية بيتهوفن الفنية. وحاول أن يشق لنفسه طريق كعازف في عاصمة الموسيقى، وسرعان ما لاقى مكانة كبرى خاصة في الأوساط الأرستقراطية. فقد حاز بإعجاب الأسرة الملكية وعومل كصديق أكثر منه مؤلفاً. بالرغم من ذلك فقد عاش ومات فقيراً، غناه هو أعماله الفنية المتميزة. فقد جاء إنتاجه الفني غزيراً حتى بعد إصابته بالصمم.
صمم بيتهوفن والتحول الكبير في شخصيته
بدأت إصابة بيتهوفن بصمم بسيط عام 1802، فبدأ في الانسحاب من الأوساط الفنية تدريجياً، وأمضى حياته بلا زواج يرتبط بعلاقات عدة مع سيدات صغيرات. إلا أنه لم يتوقف عن الإنتاج الفني، ولكن أعماله اتخذت اتجاه جديد. ومع ازدياد حالة الصمم التي أصابته، امتنع عن العزف في الحفلات العامة، وابتعد عن الحياة الاجتماعية واتجه للوحدة، وقلت مؤلفاته، وأصبحت أكثر تعقيداً. حتى أنه رد على انتقادات نقاده بأنه يعزف للأجيال القادمة. وبالفعل مازالت أعماله حتى اليوم من أهم ما أنتجته الموسيقى الكلاسيكية العالمية. واكتسبت اثنان من السيمفونيات التي كتبها في صممه أكبر شعبية، وهما السيمفونية الخامسة والتاسعة. كما أنه أحدث الكثير من التغييرات في الموسيقى، وأدخل الغناء والكلمات في سيمفونيته التاسعة.فجاءت رسالته إلى العالم "كل البشر سيصبحون إخوة
أعمال بيتهوفن الخالدة
وبالرغم من اليأس الذي أصابه في أوقات عديدة، وكاد يصل به للانتحار، إلا أنه قاوم ووجه طاقته كلها للإبداع الفني. حتى أنه قال يوماً :«يا لشدة ألمي عندما يسمع أحد بجانبي صوت ناي لا أستطيع أنا سماعه، أو يسمع آخر غناء أحد الرعاة بينما أنا لا أسمع شيئاً، كل هذا كاد يدفعني إلى اليأس، وكدت أضع حداً لحياتي اليائسة، إلا أن الفن وحده هو الذي منعني من ذلك». وطالما أضاف عدم تفهم الناس لحالته ألماً على ألمه. ولكن معاناته لم تطل كثيراً، فقد توفي عن عمر يناهز السابعة والخمسين، بعد أن أثرى الموسيقى الكلاسيكية العالمية، وصار أحد أعلامها الخالدين.
أعمال الأوركسترا
أولا السيمفونيات :-
السيمفونية الأولى في سلم دو الكبير مصنف رقم 21 (1800)
السيمفونية الثانية في سلم رى الكبير مصنف رقم 36 (1803)
السيمفونية الثالثة ( البطولية eroica) في سلم مى بيمول الكبير مصنف رقم 55 (1805)
السيمفونية الرابعة في سلم سى بيمول الكبير مصنف رقم 60 (1807)
السيموفنية الخامسة في سلم دو الصغير مصنف رقم 67 ( 1808)
السيمفونية السادسة (الرعوية pastoral) في سلم فا الكبير مصنف رقم 68 (1808)
السيمفونية السابعة في سلم لا الكبير مصنف رقم 92 (1813)
السيمفونية الثامنة في سلم فا الكبير مصنف رقم 93 (1814)
السيموفونية التاسعة ( الكورالية) في سلم رى الصغير مصنف رقم 125 (1824)
ثانيا الكونشرتو :-
- كونشرتو للبيانو و الأوركسترا رقم 1 في سلم دو الكبير مصنف رقم 15 (1797)
- كونشرتو للبيانو و الأوركسترا رقم 2 في سلم سى بيمول الكبير مصنف رقم 19 (1798)
- كونشرتو للبيانو و الأوركسترا رقم 3 في سلم دو الصغير مصنف رقم 37 (1803 )
- كونشرتو ثلاثى للبيانو و الفيولينه و التشيلو و الأوركسترا في سلم دو الكبير مصنف رقم 56 (1805)
- كونشرتو للبيانو و الأوركسترا رقم 4 في سلم صول الكبير مصنف رقم 58 (1806)
- كونشرتو للفيولينه و الأوركسترا في سلم رى الكبير مصنف رقم 61 (1806)
- كونشرتو للبيانو و الأوركسترا رقم 5 في سلم مى بيمول الكبير مصنف رقم 73 (1809)
ثالثا الإفتتاحيات :-
- " مخلوقات برموثيوس " مصنف رقم 43 (1801)
- إفتتاحية ليونور الثانية في سلم دو الكبير مصنف رقم 72أ (1806)
- إفتتاحية ليونور الثالثة في سلم دو الكبير مصنف 72 ب (1806)
- إفتتاحية ليونور الأولى في سلم دو الكبير مصنف رقم 135 ( ألفها بيتهوف عام 1807 ثم إستبعادها إلى أن تم أدائها بعد وفاته عام 1828)
- إفتتاحية "كوريليان" مصنف رقم 62 (1807)
- إفتتاحية "إجمونت " مصنف رقم 84 (1810)
- "حطام أثينا " مصنف رقم 113 (1811)
- "إنتصار ولنجتون " مصنف رقم 91
- إفتتاحية "فيديلو" مصنف رقم 72*(1814)
- "البيت المكرس "مصنف رقم 124 (1822)
ألف بيتهوفن لأوبرا "فيديلو" أربعة إفتتاحيات ، افتتاحيات ليونور (احد الشخصيات الرئيسية في الأوبرا ) الثلاثة و إفتتاحية فيديلو
موسيقى البيانو
اثنتان و ثلاثون سوناتاأشهرها السوناتا الرابعة عشرة و المعروفة لاحقاً بـ (ضوء القمر) ، سوناتا Appassionato و العاصفة (The Tempest) وال Hammerklavier
ولبيتهوفن أعمال أخرى على البيانو ليست بضخامة السوناتا إلا أنها قد تكون أكثر شهرة وقد سميت بالألماية (Bagatelle) وتعني هذه الكلمة بالألمانية السخيف، وذلك بسبب قصرها وعدم احتوائها على رسالة فلسفية أو إنسانية من نوع ما وإنما تكون للاستعراض أو تقدم كهدية لشخص ما وهذا هو الحال مع الBagatelle رقم 21 على سلم "لا" الصغير وتسمى Für Elise. وسميت كذلك لأن بيتهوفن أهداها لفتاة يافعة شفيت من مرض تعرضت له.
موسيقى الحجرة
ست عشرة رباعية وترية ، فوجة ، عشر سوناتا للكمان و البيانو ، خمس سوناتات للتشيلو و البيانو
موسيقى الأوبرا
أوبرا فيديليو
موسيقى الكورال
قداس ميسا سولمنيس بب
يعتبر من أبرز عباقرة الموسيقى في جميع العصور، وأبدع أعمالاً موسيقية خالدة. له الفضل الأعظم في تطوير الموسيقى الكلاسيكية. قدم أول عمل موسيقي وعمره 8 سنوات.
تشمل مؤلفاته للأوركسترا تسـعة سيمفونيات وخمس مقطوعات موسيقية على البيانو ومقطوعة على الكمان. كما ألّف العديد من المقطوعات الموسيقية كمقدمات للأوبرا.
بدأ بيتهوفن يفقد سمعه في الثلاثينيات من عمره إلا أن ذلك لم يؤثر على إنتاجه الذي ازداد في تلك الفترة وتميز بالإبداع. من أجمل أعماله السمفونية الخامسة والسادسة والتاسعة. وقد توفي في فيينا عام 1827 م.
حياته
شهدت مدينة بون الألمانية ميلاد الفنان العبقري لودفج فان بيتهوفن في 16 ديسمبر عام 1770، وتم تعميده في 17 ديسمبر 1770. ظهر تميزه الموسيقي منذ صغره، فنشرت أولى أعماله وهو في الثانية عشرمن عمره عام 1783 م. اتسعت شهرته كعازف بيانو في سن مبكرة، ثم زاد إنتاجه وذاع صيته كمؤلف موسيقى. عانى بيتهوفن كثيراً في حياته، عائلياً وصحياً، فبالرغم من أن أباه هو معلمه الأول الذي وجه اهتمامه للموسيقى ولقنه العزف على البيانو والكمان، إلا أنه لم يكن الأب المثالي، فقد كان مدمناً للكحول، كما أن والدته توفيت وهو في السابعة عشر من عمره بعد صراع طويل مع المرض، تاركة له مسؤولية العائلة. مما منعه من إتمام خطته والسفر إلى فيينا، عاصمة الموسيقى في ذلك العصر. فهل كان التأليف الموسيقي هو نوع من أنواع العلاج والتغلب على المشاكل بالنسبة لبيتهوفن؟حياته في فيينا عاصمة الموسيقى
في 1789 م تحقق حلمه أخيراً، فقد أرسله حاكم بون إلى فيينا، وهناك تتلمذ على يد هايدن. ولكن بيتهوفن، صاحب الألحان واجه بعض الخلافات مع معلمه، وعندما سافر هايدن إلى لندن، تحول بيتهوفن إلى معلمين آخرين مثل ساليري وشينك وألبريشتبيرجر. وقد أسهمت كل هذه الدروس والاحتكاكات في تكوين شخصية بيتهوفن الفنية. وحاول أن يشق لنفسه طريق كعازف في عاصمة الموسيقى، وسرعان ما لاقى مكانة كبرى خاصة في الأوساط الأرستقراطية. فقد حاز بإعجاب الأسرة الملكية وعومل كصديق أكثر منه مؤلفاً. بالرغم من ذلك فقد عاش ومات فقيراً، غناه هو أعماله الفنية المتميزة. فقد جاء إنتاجه الفني غزيراً حتى بعد إصابته بالصمم.
صمم بيتهوفن والتحول الكبير في شخصيته
بدأت إصابة بيتهوفن بصمم بسيط عام 1802، فبدأ في الانسحاب من الأوساط الفنية تدريجياً، وأمضى حياته بلا زواج يرتبط بعلاقات عدة مع سيدات صغيرات. إلا أنه لم يتوقف عن الإنتاج الفني، ولكن أعماله اتخذت اتجاه جديد. ومع ازدياد حالة الصمم التي أصابته، امتنع عن العزف في الحفلات العامة، وابتعد عن الحياة الاجتماعية واتجه للوحدة، وقلت مؤلفاته، وأصبحت أكثر تعقيداً. حتى أنه رد على انتقادات نقاده بأنه يعزف للأجيال القادمة. وبالفعل مازالت أعماله حتى اليوم من أهم ما أنتجته الموسيقى الكلاسيكية العالمية. واكتسبت اثنان من السيمفونيات التي كتبها في صممه أكبر شعبية، وهما السيمفونية الخامسة والتاسعة. كما أنه أحدث الكثير من التغييرات في الموسيقى، وأدخل الغناء والكلمات في سيمفونيته التاسعة.فجاءت رسالته إلى العالم "كل البشر سيصبحون إخوة
أعمال بيتهوفن الخالدة
وبالرغم من اليأس الذي أصابه في أوقات عديدة، وكاد يصل به للانتحار، إلا أنه قاوم ووجه طاقته كلها للإبداع الفني. حتى أنه قال يوماً :«يا لشدة ألمي عندما يسمع أحد بجانبي صوت ناي لا أستطيع أنا سماعه، أو يسمع آخر غناء أحد الرعاة بينما أنا لا أسمع شيئاً، كل هذا كاد يدفعني إلى اليأس، وكدت أضع حداً لحياتي اليائسة، إلا أن الفن وحده هو الذي منعني من ذلك». وطالما أضاف عدم تفهم الناس لحالته ألماً على ألمه. ولكن معاناته لم تطل كثيراً، فقد توفي عن عمر يناهز السابعة والخمسين، بعد أن أثرى الموسيقى الكلاسيكية العالمية، وصار أحد أعلامها الخالدين.
أعمال الأوركسترا
أولا السيمفونيات :-
السيمفونية الأولى في سلم دو الكبير مصنف رقم 21 (1800)
السيمفونية الثانية في سلم رى الكبير مصنف رقم 36 (1803)
السيمفونية الثالثة ( البطولية eroica) في سلم مى بيمول الكبير مصنف رقم 55 (1805)
السيمفونية الرابعة في سلم سى بيمول الكبير مصنف رقم 60 (1807)
السيموفنية الخامسة في سلم دو الصغير مصنف رقم 67 ( 1808)
السيمفونية السادسة (الرعوية pastoral) في سلم فا الكبير مصنف رقم 68 (1808)
السيمفونية السابعة في سلم لا الكبير مصنف رقم 92 (1813)
السيمفونية الثامنة في سلم فا الكبير مصنف رقم 93 (1814)
السيموفونية التاسعة ( الكورالية) في سلم رى الصغير مصنف رقم 125 (1824)
ثانيا الكونشرتو :-
- كونشرتو للبيانو و الأوركسترا رقم 1 في سلم دو الكبير مصنف رقم 15 (1797)
- كونشرتو للبيانو و الأوركسترا رقم 2 في سلم سى بيمول الكبير مصنف رقم 19 (1798)
- كونشرتو للبيانو و الأوركسترا رقم 3 في سلم دو الصغير مصنف رقم 37 (1803 )
- كونشرتو ثلاثى للبيانو و الفيولينه و التشيلو و الأوركسترا في سلم دو الكبير مصنف رقم 56 (1805)
- كونشرتو للبيانو و الأوركسترا رقم 4 في سلم صول الكبير مصنف رقم 58 (1806)
- كونشرتو للفيولينه و الأوركسترا في سلم رى الكبير مصنف رقم 61 (1806)
- كونشرتو للبيانو و الأوركسترا رقم 5 في سلم مى بيمول الكبير مصنف رقم 73 (1809)
ثالثا الإفتتاحيات :-
- " مخلوقات برموثيوس " مصنف رقم 43 (1801)
- إفتتاحية ليونور الثانية في سلم دو الكبير مصنف رقم 72أ (1806)
- إفتتاحية ليونور الثالثة في سلم دو الكبير مصنف 72 ب (1806)
- إفتتاحية ليونور الأولى في سلم دو الكبير مصنف رقم 135 ( ألفها بيتهوف عام 1807 ثم إستبعادها إلى أن تم أدائها بعد وفاته عام 1828)
- إفتتاحية "كوريليان" مصنف رقم 62 (1807)
- إفتتاحية "إجمونت " مصنف رقم 84 (1810)
- "حطام أثينا " مصنف رقم 113 (1811)
- "إنتصار ولنجتون " مصنف رقم 91
- إفتتاحية "فيديلو" مصنف رقم 72*(1814)
- "البيت المكرس "مصنف رقم 124 (1822)
ألف بيتهوفن لأوبرا "فيديلو" أربعة إفتتاحيات ، افتتاحيات ليونور (احد الشخصيات الرئيسية في الأوبرا ) الثلاثة و إفتتاحية فيديلو
موسيقى البيانو
اثنتان و ثلاثون سوناتاأشهرها السوناتا الرابعة عشرة و المعروفة لاحقاً بـ (ضوء القمر) ، سوناتا Appassionato و العاصفة (The Tempest) وال Hammerklavier
ولبيتهوفن أعمال أخرى على البيانو ليست بضخامة السوناتا إلا أنها قد تكون أكثر شهرة وقد سميت بالألماية (Bagatelle) وتعني هذه الكلمة بالألمانية السخيف، وذلك بسبب قصرها وعدم احتوائها على رسالة فلسفية أو إنسانية من نوع ما وإنما تكون للاستعراض أو تقدم كهدية لشخص ما وهذا هو الحال مع الBagatelle رقم 21 على سلم "لا" الصغير وتسمى Für Elise. وسميت كذلك لأن بيتهوفن أهداها لفتاة يافعة شفيت من مرض تعرضت له.
موسيقى الحجرة
ست عشرة رباعية وترية ، فوجة ، عشر سوناتا للكمان و البيانو ، خمس سوناتات للتشيلو و البيانو
موسيقى الأوبرا
أوبرا فيديليو
موسيقى الكورال
قداس ميسا سولمنيس بب
ريشارد فاغنر
1813- 1883 م
ريشارد فاغنر Richard Wagner، ولد في لايبزيك، ألمانيا 1813 - توفي في البندقية، إيطاليا 1883 م) هو مؤلف موسيقي ألماني.
وهو الابن الأصغر لتسع أولاد, ولد في نفس سنة معركة الأمم التي جرت بين جيش نابيلون و جيوش الحلفاء(السويد, النمسا, بروسيا, روسيا). لم يبد اي اهتمام موسيقي في طفولته و كان عنيدا جدا.كان أول أعماله الفنية ملحمة استوحاها من موت صديق له و عدد الذين ماتول أو قتلوا في الملحمة 26 شخص. كان معلما على الجوقة الموسيقية في الكنسية المُلحقة بالبلاط الأميري في درسدن (حاضرة إمارة سكسونيا في ألمانيا).
اعتنق الأفكار الثورية، فحلت عليه نقمة أولياء نعمته، واضطر إلى الهرب إلى سويسرا ليستقر بها لفترة من الوقت (1849-1861 م). تلقى مساعدة من الموسيقار "فرانتز ليست حيث ساعده في اقامة حفلاته الموسيقية" (قام لاحقا بالزواج من إحدى بناته، وتدعى "كوسيما")، كما دعمه "لودفيغ الثاني من بافاريا" (حاكم مملكة بافاريا) أثناء الفترة التي قضاها في إنجاز أعماله الأوبرالية الكبيرة فكان يعطيه ما يحتاجه من مال ليسدد ديونه و لحياته المترفة.
وهو الابن الأصغر لتسع أولاد, ولد في نفس سنة معركة الأمم التي جرت بين جيش نابيلون و جيوش الحلفاء(السويد, النمسا, بروسيا, روسيا). لم يبد اي اهتمام موسيقي في طفولته و كان عنيدا جدا.كان أول أعماله الفنية ملحمة استوحاها من موت صديق له و عدد الذين ماتول أو قتلوا في الملحمة 26 شخص. كان معلما على الجوقة الموسيقية في الكنسية المُلحقة بالبلاط الأميري في درسدن (حاضرة إمارة سكسونيا في ألمانيا).
اعتنق الأفكار الثورية، فحلت عليه نقمة أولياء نعمته، واضطر إلى الهرب إلى سويسرا ليستقر بها لفترة من الوقت (1849-1861 م). تلقى مساعدة من الموسيقار "فرانتز ليست حيث ساعده في اقامة حفلاته الموسيقية" (قام لاحقا بالزواج من إحدى بناته، وتدعى "كوسيما")، كما دعمه "لودفيغ الثاني من بافاريا" (حاكم مملكة بافاريا) أثناء الفترة التي قضاها في إنجاز أعماله الأوبرالية الكبيرة فكان يعطيه ما يحتاجه من مال ليسدد ديونه و لحياته المترفة.
لايبزك.. مدرسة فاغنر صلة الوصل بين شرق أوروبا ووسطها
ابتعد في أعماله عن الأوبرا الإيطالية وأسلوبها التاريخي (كانت تعالج المواضيع التاريخية)، فتجنب التأنق الصوتي الذي اشتهرت به هذه الأخيرة مفضلا أن يعطى الدور الأول للأداء الأوركسترالي. كان من أنصار المسرح الأسطوري (اقتبس أعماله من الأساطير الجرمانية القديمة)، استطاع أن يجمع بين النص والموسيقى، وأن يوافق بين الأصوات والآلات الموسيقية، كما أن طريقته في إعادة تكرار الفكرة الرئيسية عبر المشاهد المختلفة مكنته من أن يحافظ على تماسك الموضوع. يعتبر رائد النزعة الرومانسية في الموسيقي الألمانية.
من أعماله الأوبرالية:
المركِب الشبح (1841 م) تانهُويْزِر (1845 م) لوهينغرين (1850 م) حلقة نيوبلونغ أو الرباعية الأوبرالية (1852-1876 م) تريستان وإيزولده (1865 م) الأساتذة الموسيقيون لنورمبرغ (1868 م) بارسيفال (1876-1882 م)
أكبر عباقرة الموسيقى الكلاسيكية في التاريخ الغربي
يوهان سباستيان باخ
(1685 - 1750 م)
مؤلف موسيقي و عازف أورغن، ولد في إيزتاخ و توفي في لابينريغ، تعلم في بلدته و تلقى دراسته للموسيقى، و في الوقت ذاته عن أبيه يوهان أمبروزيس (عازف كمان)، تابع يوهان بعد وفاة والده دراسة العزف على الكلافان و الأورغن مع أخيه الأكبر يوهان كريستوف.
و في عام 1703 عمل مدة قصيرة عازف كمان في أوركسترا دوق فايمار، و بعد أشهر قليلة أصبح عازف أورغن في كنيسة ارنتات حيث بدأ كتابة أول مؤلفاته الموسيقية الدينية، و في عام 1707 انتقل إلى مدينة مولهاوزن كعازف أورغن في كنيستها، و بعد عودته إلى فايمار كتب أول أعماله الشهيرة للأورغن مثل "المغناة" (التوكاتا) "الفوغة" (الشلل) وفي عام 1716 ترك فايمار ليصبح قائد فرقة موسيقى الحجرة عند الأمير ليوبولد في مدينة أفهالت-كوتن، حيث كان الأمير نفسه يعزف على فيولا الساق في الفرقة الموسيقية بقيادة يوهان سباستيان نفسه، و في هذه المدينة استطاع أن يتحرر من الخدمة الكنسية متابعا التأليف الموسيقي للآلات، فكتب معظم الأعمال المهمة لها و منها ست " حوريات براندنبورغيه " عام 1721 سميت كذلك لأنها كانت مكرسة لأمير براندنبورغ.
و في عام 1723 استقر في مدينة لايبزيغ لمدة ربع قرن قام بعدة رحلات فنية قصيرة إلى بعض المدن الألمانية تعرف في اثنائها على أشهر الموسيقيين فيها آن ذاك، كما التقي الملك فريدريك الكبير عام 1747 و قدم له قطعة "هدية موسيقية" و هي ذات موضوع من تأليف الملك ذاته، وقبل نهاية حياة يوهان سباستيان بوقت قصير، بدأ بصره يضعف تدريجيا حتى أنه كان فاقد البصر تقريبا حتى وفاته، دفن في كنيسة القديس يوحنا ثم نقل ما تبقى من رفاته عام 1894 إلى كنيسة سان توماس ولاء له و تقديرا.
ألف يوهان سباستيان في جميع أنواع الصيغ المويسيقية المعروفة في زمنه، عدا الأوبرا، و كان مذهبه الديني البروتستانتي الألماني أساسا لمعظم أعماله الموسيقية، و نتاجه الفني زاخر بعشرات المئات من القطع الموسيقية المختلفة الصيغة، كما كتب نحو خمسين مغناة نيوية، و لموسيقى الأورغن عند يوهان سباستيان عناية خاصة، إذ ألف لهذه الآلة الكثير من القطع الموسيقية من نوع الفانتزي و البريلود ، و الفوغة و السوناتا، بالإضافة إلى اهتمامه الشديد بالآلات من ذوات الملامس ولا سيما الكلافان منها، فقد كتب لها الكثير من القطع الموسيقية لآلة واحدة أو عدة آلات منها معا في كثير من الصيغ الموسيقية المختلفة إضافة إلى عدد لا بأس به من الكونشرتو، و من أهم الأعمال التي كتبها لهذه الآلة هما الجزآن بعنوان " الكلافان" "العدل جيدا" ألفهما على التوالي عام 1722، 1744 و نشرا عام 1799 ، و يحتوي كل جزء منها على 24 بريلود و فوغه في السلالم الأربع و العشرين-الكبيرة و الصغرى- في السلم المعدل الذي أصبح أساسا لجميع أنواع الموسيقى العالمية، و من أعمال يوهان المهمة للآلات أيضا كتاب " فن الفوغة" ألفه في أواخر حياته (1749-1750) و لم ينجزه ، و هو يتألف من قطع موسيقية من نوع الأتباع (الكانون) و الفوغة ، لم تكن مخصصة لآلة موسيقية أو لمجموعة آلية ما.
عدت موسيقى يوهان سباستيان باخ في القرن الثامن عشر معقدة و قديمة الأسلوب مقارنة مع الأشكال الموسيقية الجديدة المقدمة من قبل الموسيقيين الآخرين ، و يعود الفضل إلى مندلسون الذي اكتشف عام 1829 عبقرية سباستيان في مؤلفاته " الآلام كما هي عند القديس ماثيو" التي ألفت قبل قرن من ذلك، و على أثر ذلك قدره جميع الموسيقيين ، و أدى هذا العمل و كثير من المؤلفات الأخرى له إلى تأسيس جمعيات موسيقية كثيرة نحمل اسمه منها "جمعية باخ" في لندن عام 1870، و تأسست كذلك في لايتزنغ عام 1805 " جمعية باخ" التي باشرت بنشر جميع أعماله الموسيقية في النصف الثاني من القرن التاسع عشر. و يمكن القول، أن طبيعة القديم و الجديد في موسيقى يوهان سباستيان بارزة المعالم و تؤسس تميزا تاريخيا بقي متبعا حتى القرن العشرين.
و في عام 1703 عمل مدة قصيرة عازف كمان في أوركسترا دوق فايمار، و بعد أشهر قليلة أصبح عازف أورغن في كنيسة ارنتات حيث بدأ كتابة أول مؤلفاته الموسيقية الدينية، و في عام 1707 انتقل إلى مدينة مولهاوزن كعازف أورغن في كنيستها، و بعد عودته إلى فايمار كتب أول أعماله الشهيرة للأورغن مثل "المغناة" (التوكاتا) "الفوغة" (الشلل) وفي عام 1716 ترك فايمار ليصبح قائد فرقة موسيقى الحجرة عند الأمير ليوبولد في مدينة أفهالت-كوتن، حيث كان الأمير نفسه يعزف على فيولا الساق في الفرقة الموسيقية بقيادة يوهان سباستيان نفسه، و في هذه المدينة استطاع أن يتحرر من الخدمة الكنسية متابعا التأليف الموسيقي للآلات، فكتب معظم الأعمال المهمة لها و منها ست " حوريات براندنبورغيه " عام 1721 سميت كذلك لأنها كانت مكرسة لأمير براندنبورغ.
و في عام 1723 استقر في مدينة لايبزيغ لمدة ربع قرن قام بعدة رحلات فنية قصيرة إلى بعض المدن الألمانية تعرف في اثنائها على أشهر الموسيقيين فيها آن ذاك، كما التقي الملك فريدريك الكبير عام 1747 و قدم له قطعة "هدية موسيقية" و هي ذات موضوع من تأليف الملك ذاته، وقبل نهاية حياة يوهان سباستيان بوقت قصير، بدأ بصره يضعف تدريجيا حتى أنه كان فاقد البصر تقريبا حتى وفاته، دفن في كنيسة القديس يوحنا ثم نقل ما تبقى من رفاته عام 1894 إلى كنيسة سان توماس ولاء له و تقديرا.
ألف يوهان سباستيان في جميع أنواع الصيغ المويسيقية المعروفة في زمنه، عدا الأوبرا، و كان مذهبه الديني البروتستانتي الألماني أساسا لمعظم أعماله الموسيقية، و نتاجه الفني زاخر بعشرات المئات من القطع الموسيقية المختلفة الصيغة، كما كتب نحو خمسين مغناة نيوية، و لموسيقى الأورغن عند يوهان سباستيان عناية خاصة، إذ ألف لهذه الآلة الكثير من القطع الموسيقية من نوع الفانتزي و البريلود ، و الفوغة و السوناتا، بالإضافة إلى اهتمامه الشديد بالآلات من ذوات الملامس ولا سيما الكلافان منها، فقد كتب لها الكثير من القطع الموسيقية لآلة واحدة أو عدة آلات منها معا في كثير من الصيغ الموسيقية المختلفة إضافة إلى عدد لا بأس به من الكونشرتو، و من أهم الأعمال التي كتبها لهذه الآلة هما الجزآن بعنوان " الكلافان" "العدل جيدا" ألفهما على التوالي عام 1722، 1744 و نشرا عام 1799 ، و يحتوي كل جزء منها على 24 بريلود و فوغه في السلالم الأربع و العشرين-الكبيرة و الصغرى- في السلم المعدل الذي أصبح أساسا لجميع أنواع الموسيقى العالمية، و من أعمال يوهان المهمة للآلات أيضا كتاب " فن الفوغة" ألفه في أواخر حياته (1749-1750) و لم ينجزه ، و هو يتألف من قطع موسيقية من نوع الأتباع (الكانون) و الفوغة ، لم تكن مخصصة لآلة موسيقية أو لمجموعة آلية ما.
عدت موسيقى يوهان سباستيان باخ في القرن الثامن عشر معقدة و قديمة الأسلوب مقارنة مع الأشكال الموسيقية الجديدة المقدمة من قبل الموسيقيين الآخرين ، و يعود الفضل إلى مندلسون الذي اكتشف عام 1829 عبقرية سباستيان في مؤلفاته " الآلام كما هي عند القديس ماثيو" التي ألفت قبل قرن من ذلك، و على أثر ذلك قدره جميع الموسيقيين ، و أدى هذا العمل و كثير من المؤلفات الأخرى له إلى تأسيس جمعيات موسيقية كثيرة نحمل اسمه منها "جمعية باخ" في لندن عام 1870، و تأسست كذلك في لايتزنغ عام 1805 " جمعية باخ" التي باشرت بنشر جميع أعماله الموسيقية في النصف الثاني من القرن التاسع عشر. و يمكن القول، أن طبيعة القديم و الجديد في موسيقى يوهان سباستيان بارزة المعالم و تؤسس تميزا تاريخيا بقي متبعا حتى القرن العشرين.
عاش عمر الزهور و مضى قبل أن تبرد حرارة قبلته على ثغر الوجود و لكنه ترك خلفه أريجاً يعطر أنفاس الدنيا إلى الأبد
فريدريك شوبان Frederic Chopin
في 22 شباط سنة 1810م ولد فريدريك شوبان من أم بولونية و أب فرنسي ، في قرية تبعد عن مدينة وارسو بحوالي 30 كيلومتراً.. و اتفق ساعة مولده أن كانت إحدى الفرق الموسيقية المتجولة تعزف تحت نافذة الغرفة التي ولد فيها سيد الموسيقى..
و على خلاف العادة، لم يفتح الوليد فمه ليستقبل النور بالبكاء، و إنما فتح أذنيه ليسمع الموسيقى، همزة الوصل بين الأرض و السماء..
تعلم العزف على البيانو منذ حداثته، و استطاع و هو في التاسعة من عمره أن يعزف منفرداً في حفل أقيم له، ثم انتقلت العائلة إلى وارسو حيث تلقى تعليماً ثانوياً عادياً.. و كان في شبابه خفيف الظل، مرحاً و اجتماعياً إلى أبعد الحدود..و لما بلغ شوبان الخامسة عشرة من عمره، و كان قد بلغ المرحلة الجامعي، عزف أولى مؤلفاته الموسيقية أمام الأمبراطور اسكندر، قيصر روسيا، و ما كاد ينتهي حتى ضمه القيصر إلى صدره، و نزع من إصبعه خاتماً ثميناً قدمه إليه قائلا:
(( لقد أردت أن أضفي شرفاً على هذا الخاتم يخلده، و أعتقد أنك عندما تضعه في اصبعك ستكتب له الخلود..)).
و في الثامنة عشر من عمره، زار شوبان برلين برفقة أحد أصدقاء والده حيث استمع إلى أوركسترات مستواها أعلى بكثير مما كان يستمع إليها في وارسو..
ثم انتقل إلى فيينا حيث التقى بالكثير من الموسيقيين المرموقين و عزف لهم مؤلفاته فأجمعوا الرأي على عبقرية هذا الشاب البولندي و على ابتكاره لأسلوب جديد خاص به و كانت آلة البيانو قد وصلت في عهده إلى أرقى الحدود و أحس شوبان بامكانيات هذه الآلة فكتب لها ببراعة لا يضاهيه فيها أحد إلى يومنا هذا..
و في عام 1830 انتقل إلى باريس و سرعان ما اندمج في الحياة الفنية في هذه العاصمة التي سبقه إليها الكثير من عباقرة الموسيقى كما اندمج في صالوناتها الأدبية و الفنية، و هكذا تعرف على جورج صاند الكاتبة الفرنسية المشهورة و دامت صداقتهم عشر سنوات ثم انتهت فجأة!!
منذ أن غادر شوبان بولونيا و هو في العشرين من عمره.. كان أشد ما يعذبه اعتقاده بأن عينيه لن تكتحلا بعد ذلك برؤية وطنه الحبيب بولونيا.. لذلك ملأ كأساً صغيرة بتراب وطنه الحبيب.. كان يحملها معه أينما ذهب.. و ما هي إلا عشرون سنة حتى قضى نحبه في باريس بداء الصدر (السل). فلما ووري نعشه الثرى نثر أصدقاؤه محتويات الكأس الصغيرة فوق النعش...
كتب شوبان ذات مرة من اسكتلندا قائلاً:
(( عزيزتي بولونيا.. أراك من خلال الضباب الكثيف بعيني أمي، و فمها، و ذقنها.. بولونيا التي تنشدين و تبكين.. أيتها الأرض الحبيبة المسكينة، إن قلبي لك..)).
و قد ترجمت عواطف قلبه الكبير إلى موسيقى خالدة. فاستحق بجدارة لقب (شاعر البيانو)..
و بالفعل.. عندما توفي شوبان.. نزع قلبه و أرسل إلى موطنه .. بولونيا.
مؤلفاته:
كثيرة منها ما استوحاها من الرقصات الشعبية لبلاده منها البولونيز رقم (3) في سلم لا الكبير تسلسل (40) رقم (1) و الفالس رقم (6) في سلم ري بيمول الكبير تسلسل (64) رقم (1)، و الفالس رقم (2) في سلم ل بيمول المبير تسلسل (34) رقم (1)..
و من ابتكارات شوبان الجديدة معزوفاته القصيرة من نوع الفانتازي و الشخرزو مثل الشخرزو رقم (2) في سلم سي بيمول الصغير تسلسل (31)..
و كذلك من الصيغ الموسيقية الجديدة لآلة البيانو و التي ابتكرها شوبان هي النوكتورنو،و التسمية هذه اقتبست من الوقت الذي تعزف فيه هذه المقطوعة الموسيقية و هو الليل..
إن كلمة أتود تعني لطلاب الموسيقى معنى غير ما تعنيه لعشاق موسيقى البيانو.. فعند تلاميذ الموسيقى تعني تمريناً موسيقياً الغاية منه رفع أداء الطالب في العزف.. أما شوبان فقد صنع للأتودات معنى آخر.. فبالرغم من صعبة أتوداته إلا أنها قطع موسيقية متكاملة، مليئة بالجمل اللحنية الساحرة..و من أجمل دراساته (أتوداته) هي الدراسة الثورية ( الأتود في سلم دو مينورتسلسل (10) رقم (12)و قد ألفها سنة 1833..
و كذلك له مؤلفات أخرى كثيرة مثل رقصات المازوركا و البريلود إضافة إلى الكونشيرتو و السوناتا و البالاد.. و من مؤلفاته هذه التي احتلت الصدارة كونشرتو البيانو رقم واحد في سلم مي الصغير، و رقم 2 في سلم فا الصغير..
زرياب
نشأ زرياب في بغداد وكان تلميذا لإسحق الموصلي بصورة سرية إلى أن أتقن في الغناء عليه، ففي ذات يوم طلب الخليفة هارون الرشيد من أسحق الموصلي بأن يأتي معه بمغني جديد يجيد الغناء، فأحضر إسحق زرياب فاستأذن من الخليفة بأن يغني فأذن له:
يا أيها الملك الميمون طائره هارون راح إليك الناس وابتكروا
إلى أن أكمل نوبته فطار الرشيد فرحا وتعجب منه كثيرا وطلب من أستاذه إسحق أن يعتز به، إلا أن إسحاقا داخله الحسد والحقد فهدد زريابا وخيره بالخروج من بغداد أو يغتاله، فرجح زرياب الخروج من بغداد فخرج وتوجه إلى الأندلس وكان الخليفة هناك آنذاك عبد الرحمن الثاني، فكتب زرياب إلى الخليفة يستأذنه بالدخول إلى بلاطه فرد عليه حسنا ورحب به، وبعد أن دخل بلاط الخليفة وأصبح من حاشيته غنى بحضرته وما أن سمعه الخليفة حتى شغف به وقربه إليه وأصبح نديمه ومن أقرب الناس إليه. وعندما اشتهر زرياب في الأندلس وتمركز بها، أسس مدرسة للغناء وللموسيقى وتعتبر هذه أول مدرسة أسست لتعليم علم الموسيقى والغناء وأساليبها وقواعدها.
وإن زريابا يعتبر هو السبب في اختراع الموشح لأنه عمم طريقة الغناء على أصول النوبة، وكانت هذه الطريقة هي السبب في اختراع الموشح. وقد أدخل زرياب على فن الغناء والموسيقى في الأندلس تحسينات كثيرة وأهم هذه التحسينات:
أولا: جعل أوتار العود خمسة مع العلم أنها كانت أربعة أوتار.
ثانيا: أدخل على الموسيقى مقامات كثيرة لم تكن معروفة من قبله.
ثالثا: جعل مضراب العود من قوادم النسر بدلا من الخشب.
رابعا: افتتاح الغناء بالنشيد قبل البدء بالنقر، كما أنه أول من وضع قواعد لتعليم الغناء للمبتدئين وأهمها هي:
• يتعلم المبتدئ ميزان الشعر ويقرأ الأشعار على نقر الدف ليتعلم الميزان الغنائي
• يعطى اللحن للمبتدئ ساذجا خاليا من كل زخرفة
• يتعلم المبتدئ الزخرفة والتغني في الألحان مع الضروب بعد تعلمه الميزان والضرب واللحن. وقد وضع أسسا وقواعد لفحص المبتدئين قبل قبولهم وهي أن يجلس المبتدئ في مكان عال ثم يوعز إليه بأن يصبح بجواب صوته ثم ينزل تدريجيا إلى قراره، وبهذه الطريقة كان يعرف مدى صوته وحلاوته.
وقد نقل زرياب من بغداد إلى الأندلس طريقتين في الغناء والموسيقى هما:
• طريقة الغناء على أصول النوبة
• طريقة تطبيق الإيقاع الغنائي مع الإيقاع الشعري
توفي في قرطبة سنة 230 هـ، 845 م.
محمد القصبجي
ما إن يحاول المؤرخ دراسة سيرة محمد علي إبراهيم القصبجي، حتى يقترن في المرتبة والتاريخ بسيد درويش. فقد *** في 15 نيسان 1892 بعد تسعة وعشرين يوما فقط من م*** السيد درويش.
عاش القصبجي أربعا وسبعون عاما، فتتلمذ من مدرسته جيل كامل من أساتذة الموسيقى العربية في القرن العشرين ومنهم عبد الوهاب نفسه، أم كلثوم ورياض السنباطي، وتولى رعاية عدد آخر من الفنانين منهم ليلى مراد ونور الهدى وسعاد محمد. وبرغم ذلك فإن شهرة القصبجي ظلت، لأسباب غير واضحة أقل مما يستحسن بكثير. فهو تولى عبد الوهاب سـيد مطربي القرن العشرين وملحنيهم نحو خمس سنوات، قبل ان يتولاه أميـر الشعراء أحمد شوقي سنة 1924، وهو الأب الفني الذي تلقف أم كلثوم منذ انتقالها إلى القاهرة من الريف سنة 1923 وأعطاها أجمل الألحان حتى سنة 1948، وظل يتصدر فرقتها الموسيقية بعوده الخطير حتى وفاته في 25 آذار 1966.
عمل القصبجي في تجديد الموسيقى العربية في السنوات ذاتها التي عمل بها سيد درويش. فبدآ لدى موت سلامة حجازي معا سنة 1917، وجددا معا في نكهة الغناء العربي، وتأثرا معا بالتراث الأوروبي الكلاسيكي في الموسيقى، وأدخلا التعبير في الغناء، وطور اللوازم الموسيقية وجعلاها جزءا مهما لا غنى عنه في البناء الموسيقي. كما أدخل القصبجي الهارمونيا والبوليفونيا على الموسيقى العربية دون أن يشوه مزاج هذه الموسيقى أو يفقدها روحها وشخصيتها ونكهتها القومية. وأرسى على نحو نهائي سنة 1928 ملامح شكل المونولوج في الغناء العربي.
تخرج القصبجي من مدرسة عثمان باشا على الشيخ أحمد الحملاوي، بعدما حفظ القرآن وتعلم أصول تجويده. والتجويد هو المدرسة الوحيدة التي أنجبت عباقرة في الموسيقى العربية. والقصبجي ابن الشيخ على إبراهيم القصبجي، المنشد والمقرئ المعروف في حي عابدين، وكان يكتب النوتة الموسيقية لمؤلفي عصره ومغنيه. وتعاطى ابنه لضروب التأليف الموسيقى الغربية، لم يكن يحتمل خطر تشويه موسيقاه أو تهجينها أو إفقادها روحها العربية، فمحمد القصبجي أتقن الموسيقى العربية واتخذ علمها من منبعه الأول (التجويد والموشحات)، ونشأ في بيئة عندها سلالات أصيلة من سلالات الفن العربي. فكان أبوه عوادا فذا وملحنا غنى له زعيم الغناء والطرب في القرن الماضي عبده الحامولي، والشيخ يوسف المنيلاوي، وسيد الصفطي، صالح عبد الحي، زكي مراد ومحمد السنباطي. ولذا كان القصبجي قادرا على استخدام الفنون التقنية الغربية في الموسيقى دون أن يفقده روحه العربية الأصيلة، ما دامت جذوره ضاربة في عمق التراث العربي الموسيقي، وما دامت شخصيته العربية الموسيقية مكتملة التكوين.
تحول هذا المؤلف الكبير إلى أستاذ يزدحم حوله التلاميذ، فكانت تلميذته الكبرى أم كلثوم. وتأثر به رياض السنباطي تأثرا واضحا للغاية بخاصة في الأفلام التي لحنا أغنياتهما معا: نشيد الأمل، يا مجد، ياللي صنعت الجميل، قضيت حياتي، افرح يا قلبي.
وممن تتلمذ على القصبجي في مرحلة من مراحلهم: فتحية أحمد، نجاة علي، منيرة المهدية، ثم ليلى مراد ونور الهدى وسعاد محمد، وبخاصة أسمهان. وامتد أثر القصبجي إلى محمد الموجي الذي لحن سنة 1954 نشيد الجلاء لأم كلثوم.
وتوحي موسيقى القصبجي على الدوام أنها مكتوبة لفرقة كبيرة، ولا يقدر التخت الصغير على أعبائها التعبيرية والهارمونية جميعا، حتى قالت أم كلثوم فيه قبل وفاتها: إنه موسيقي عالم سبق عصره". ولم يكن هذا القول بغريب من سيدة الغناء العربي التي قطفت أمجاد لحن القصبجي لمونولوج "إن كنت أسامح وانسى الأسية".
لقد أحصى محمود كامل ثلاثمئة وستين أغنية للقصبجي، وهذا العدد من الأغنيات يعد كبيرا جدا إذا قورن بعدد سنوات خصبه الأربع والعشرين، وإذا أخذت في الحسبان جودتها.
ولعل قلة تؤثر عن القصبجي عمله المسرحي الغنائي إذ لحن:
• * المظلومة
• * حرم المفتش
• * كيد النسا
• * نجمة الصباح
وقد شاركه عبد الوهاب بثلاثة ألحان في المسرحية الأولى، لكن القصبجي أقلع عن هذا الفن الذي لم يكثر فيه، وانصرف إلى الأشكال الأخرى من التلحين:
• 13 دوراً غنى منها على الخصوص الشيخ أمين حسنين وزكي مراد
• موشح وحيد مُرّ عيش هان {على مقام الجهاركاه}
• 30قصيدة: غنى منها على الخصوص أم كلثوم وأسمهان وفتحية أحمد وكارم محمود وسعاد محمد وعبد الغني السيد ووردة الجزائرية ونجاة علي ونازك.
• 43 مونولوجا: غناها على الخصوص صالح عبد الحي وأم كلثوم وأسمهان ومنيرة المهدية وفتحية أحمد ونجاة علي.
• 182 طقطوقة: غنى منها من ذكرنا من المطربات والمطربين ومعهم ليلى مراد ورجاء عبده وغيرهم.
وكانت له إحدى وتسعون أغنية أحصيت في 38 فيلما سينمائيا.
لكن أهم التجديد الذي أحدثه القصبجي في الموسيقى العربية المعاصرة، أحدثه في إنشائه المونولوج، ثم في تطوير شكل الطقطوقة بخاصة في الأغاني السينمائية التي غنتها أسمهان وليلى مراد.
والمونولوج ليس هو الأغنية الإنتقادية التي اشتهر بها كل من ثريا حلمي وإسماعيل يس ومحمود شكوكو، بل هو نوع موسيقي ظهر في الغناء العربي سنة 1815 وثبت القصبجي أحد أشكاله سنة 1928 في أغنية: إن كنت اسامح على ما سلف. والمونولوج مستوحى من الآريا في الأوبرا الإيطالية، حيث يقف البطل بين حدثين من أحداث الأوبرا، فيطلق العنان لعواطفه ويشكو لواعج قلبه في وقفة وجدانية مسرحية تأملية، يروي فيها واقعات ويعرب عن مشاعره. وهي تتميز بأن الكلام سردي وصفي وجداني في العموم، وبأن اللحن لا تتكرر فيه المقاطع أو المذاهب، وقد لا تتكرر أي من الجمل الموسيقية إطلاقا. ولا يتضمن المونولوج مذهبا ولا أغصانا متشابهة، وقد يتضمن مشاهد موسيقية متلاحقة مختلفة تفصلها لوازم.
لقد كان الشيخ زكريا أحمد أول من بدل ألحان الأغصان في الطقطوقة، غير أن محمد عبد الوهاب ومحمد القصبجي ورياض السنباطي أضافوا كلّ تطويرا من عنده على الطقطوقة دمج فيه المذهب أو جزءا منه بآخر الغصن، فم يعد المذهب مستقلا، ثم بدل لازمه لتناسب كل لازمة مقام الغصن الذي يليها. وقد كانت إغنيات القصبجي وبخاصة في الأفلام السينمائية من أجمل ما لحن، ومن أهم النماذج التي نسج على منوالها تلاميذ القصبجي بل أقرانه. وكانت للمطربات اللبنانيات اللواتي توافدن على عاصمة الفن العربي القاهرة، حصة وافرة، فغنت له سعاد محمد إحدى عشر أغنية، وكذلك غنت له نور الهدى التي قال فيها إنها أكثر المطربات إحساسا باللحن وأمانة في أدائه، إحدى عشر أغنية أيضا.
بالإضافة إلى ذلك كله، يعد القصبجي في رأي المتخصصين سيد عازفي العود في القرن العشرين، برغم أن ثمة أسماء متداولة على مقربة من هذه المكانة. وإذا كانت تسجيلات عزف القصبجي على العود المنفرد شبه نادرة عند عامة المستمعين، فإن في إمكان المستمع أن يطمئن، إلى أن العود الذي يستمع إليه في جميع أغنيات أم كلثوم حتى الأطلال هو عود القصبجي. فلما مات سنة 1966 امتنعت كوكب الشرق عن إعطاء مكانته لأحد خلفها على المسرح، فظلت فرقتها بلا عود حتى اضطرت إلى ضم عبد الفتاح صبري العواد المجيد إلى فرقتها.
كان للقصبجي مجموعة كبيرة من الأعواد في بيته، لا لحبه التحف فقط، بل لأنه كان باحثا نظريا وعمليا في الموسيقى أيضا. وأخذ هذا العلم عن والده وصديق والده الملحن والعالم الموسيقي كامل الخلعي، الذي علمه كذلك الموشحات. فلم يكن غريبا أن تكون للقصبجي آراء في صناعة العود، إذ ينصح ألا يزيد طول وتره على ستين سنتمترا. واستدعاه معهد فؤاد الأول للموسيقى العربية في القاهرة مرارا للاستماع إلى آرائه في المقامات العربية وعلاقة بعضها بالبعض، وأقرت هذه الآراء واستبعد ما يخالفها.
إن هذا الفنان الكبير المتواضع الذي كان يقول، وهو سيد العود، إنه يخشى أن ينشز العود وهو في حضنه، أستاذ في تعليم الفنانين أن يرهبوا الفن ويحترموا المستمع أيضا.
الأسباب التي يصفها الكاتب بغير الواضحة هي حقيقة أن الموسيقار الرائع محمد القصبجي ينحدر من أصل سوري ومن مدينة حلب تحديداً وكعادتهم المصريون يقدسون ويمجدون ويبجلون كل ما هو مصري بينما يتجاهلون ويهمشون ويستصغرون كل ما هو خلاف ذلك ..
والأمثلة كثيرة في الفن حيث كما نعلم أن المطربة أسمهان وأخاها فريد الأطرش هما سوريان وقد ظهرا في نفس فترة ظهور وتألق أم كلثوم ومحمد عبد الوهاب ومع أن أسمهان وفريد يمتلكان من الموهبة والإبداع ما لدى أم كلثوم وعبد الوهاب وأكثر إلا أن كونهما غير مصريين جعلهما محاربين ومهمشين لدى الإعلام المصري والذي كان يعتبر آنذاك الإعلام العربي الأول بل الوحيد فنياً ..
محمد القصبجي موهبة موسيقية فذة وأستاذ كبير خدم الفن الأصيل بكل امتياز وإن بخسه ولاة الفن آنذاك حقه ولكنه يبقى بنظر المحايدين من النقاد علم من أعلام التلحين يضاهي عمالقة عصره كالصنباطي وزكريا احمد وغيرهم .. ولكم ان تتوصلوا إلى هذه الحقيقة فور سماعكم لألحانه الخالدة وخاصة في أغنيتي (يا طيور غني حبي وانشدي وجدي وهيامي) لأسمهان و(رق الحبيب وواعدني وكانلو مده غايب عني) للسيدة أم كلثوم
يسلمو دياتك يا رنا موضوع جيد جداً وأتمنى أن تكملي وتعرفينا على بقية رواد الفن الشرقي الأصيل.
الشيخ زكريا أحمد
أرسل زكريا إلى كتاب الشيخ نكلة قرب منزله، كان والده شديد الوله به يوخشى فقدانه، وكان نبيهاً سريع الحفظ، لكنه كان شقيا أيضا. وقد طرد من الكتاب حين عض الشيخ منصور الذي كان ينفض له فروته أي يضربه. فانتقل إلى الأزهر حيث أمضى سبع سنوات لم يبدل في أثنائها شيئا من طباعه. فكان يقلب دبابيس عمامته حتى إذا ضربه الشيخ على العمامة دميت كفه. وفي سن الثالثة عشرة طرد من الأزهر لأنه ضرب الشيخ، فأخذ يميل إلى حضور الموالد والأذكار في السرادقات لسماع كبار الشيوخ والمقرئين والمطربين. وكان يشتري كتب الغناء ويلغفها بغلافات الكتب الجادة.
أدخله والده بعد الأزهر مدرسة ماهر باشا في حي القلعة، فطرد في أول يوم لأنه لم يكف عن الغناء، لا في الفصل ولا في الفسحة، فأخذت حياة الشيخ زكريا في مراهقته تتحول إلى التشرد، فخلع الجبة والقفطان، واختصم خصاما شديدا مع والده إلى أن طلب من الشيخ درويش الحريري في تعليمه وتخفيظه القرآن الكريم، وظل في صحبة الشيخ درويش عشر سنوات، فحثه على الغناء في بطانة الشيخ سيد محمود خادم السيرة النبوية، لكنه لم يلزمها غير أشهر وعاد إلى فرقته الحريري الذي أجازه في حضور الحفلات وإحياء المآتم والأذكار والاعتماد على النفس. فيما بعد التحق بفرقة الشيخ إسماعيل سكر للقراءة والإنشاد، فعظم صيته في القاهرة والأقاليم حتى استدعاه السلطان محمد رشاد إلى الأستانة لإحياء إحدى الحفلات العظيمة.
وبدأ زكريا يطفو في الأرياف يسمع الناس ويستمع إليهم، وأخذ يكتنز تراث الفلاحين، ويضم حصاده إلى حصيلة عشر المنتديات في القاهرة، وقد أخذ مع الوقت يعرض عن الغناء الديني ويقبل على الطرب والموسيقى، حتى يئس الشيخ درويش الحريري في تحفيظه القرآن، فحفظه آيات معلومة تناسب احتفالات بعينها.
لم يخض زكريا غمار المسرح الغنائي قبل موت سيد درويش إلى مرة فقط، كان ذاك سنة 1916، حين اجتمع طلاب يهوون التمثيل منهم حسين رياض وحسن فايق، فشكلوا فرقة ودعوا زكريا إلى تلحين روايتهم: فقراء نيويورك، فلحنها مجانا ثم انقطع عن هذا الصنف من التلحين حتى عاد إليه سنة 1924.
وقد تم إحصاء ثلاث وخمسين مسرحية غنائية لحنها زكريا، وتراوح عدد ألحانه في كل منها، من ثمانية ألحان إلى اثني عشر لحان، إلا "دولة الحظ" فكان له فيها سبعة ألحان. وبلغ عدد أغنياته المسرحية خمسمائة وثمانين لحنا حتى حظي كثير منها بشهرة واسعة.
إن مسرحيات الشيخ زكريا كانت امتدادا لتراث سيد درويش، فتضمنت مسرحياته نقدا عنيفا وحكما، تصوير للأوضاع الإجتماعية ونقد هادئ وعنيف في أحيان، واستخدم أسلوب تمثيل الممالك الخيالية لنقد السلطة. وإلى جانب الصور الإجتماعية التي حفلت بها المسرحيات، احتشدت أيضا بالتصوير الوجداني للشخصيات والمشاعر. وزكريا كان متفوقا على أقرانه في هذا الفن المسرحي، حيث كان غزير الألحان سريعها إذا شاء أو اضطر.
أما ظهور السينما في المسرح الغنائي، فكان له أثر حاسم، ولم يكن زكريا استثناء في انتقاله من العمل المسرحي الغنائي إلى العمل للسينما الغنائية. وقد اشترك في تلحين أغنيات سبعة وثلاثين فيلما، تضمنت إحدى وتسعين أغنية من ألحانه، اشتهر معظمها اشتهارا عظيما. ولا بد في مجال تلحين الشيخ زكريا للأفلام من ذكر وراثته في تصوير المشاهد الجماعية عن الشيخ سيد درويش وهو فن ورثه عنه سيد مكاوي في "اللية الكبيرة" وغيرها. وتبدو قدرة الشيخ زكريا على هذا التصوير في أوجها في أحد مشاهد فيلم "ليلى بنت الفقراء"، مشهد السيدة زينب، حيث ينشد زكريا وهو معمم، وحوله بطانته توشيحا جميلا.
طور زكريا أحمد في الغناء العربي الطقطوقة والدور. ولعل في هذا دلالة أخرى على أصالته الفطرية. فأعطي أربعة أزجال وطلب أن يلحنها طقاطيق لشركة بطرس بيضا واشترط على الشركة ألا يلحنها غيره. إلا أنه انصرف منذ موت سيد درويش إلى المسرح الغنائي، فيما كانت أم كلثوم تتدرج في مدارج الشهرة مع الشيخ أبو العلا والدكتور صبري النجريي ومحمد القصبجي، فبدأ على الفور تطوير الدور والطقطوقة في أغنيات خالدة لحنها. وثمة قول شائع أن أو طقطوقة طورها زكريا هي "جمالك ربنا يزيده" غير أن ثمة إجماعا على أن طقطوقة "إللي حبك يا هناه" هي أول ما غنت أم كلثوم من ألحان زكريا.
وأهم الطقاطيق التي لحنا زكريا لأم كلثوم:
اللي حبك يا هناه
جمالك ربنا يزيده
قالوا لي إيمتي قلبك
الليل يطول ويكيدني
ليه عزيز دمعي تذله
أكون سعيد
العزول فايق ورايق
مالك يا قلبي حزين
ناسية ودادي وجافياني
ولا شك في ان تطوير زكريا لشكل الطقطوقة أرشد محمد عبد الوهاب والقصبجي والسنباطي إلى التوسع في ابتكار أشكال للطقطوقة، حررتهم في معالجة هذا النوع في أغنيات الأفلام التمثيلية، ثم في الأغنيات المسرحية، والأغنيات الطويلة.
أما موشحاته وتواشيحه التي لم تغنها أم كلثوم تكاد لا تحصى منها:
يا جريح الغرام
يا هلال السما
يا رشيق القوام
يا من يرجى
يا وردة وسط الرياض
يا أيها الحادي اسقني
زارني والليل حالك
يا نسيم الصبا
وغيرها من الموشحات.
ويصطلح إجمالا على أن الشيخ زكريا كان أغزر الموسيقيين العرب تلحينا في العصر الحديث، إذ قدر عدد الأغنيات التي لحنها بنحو 1070 أغنية، وقد بدأ يلحن سنة 1916 على ما سلف. وأول من غنى له صالح عبد الحي وعبد اللطيف البنا ومنيرة المهدية وفتحية أحمد وغيرهم من كبار عالم الغناء في ذلك الزمن.
وفي أواخر سنة 1953 أصيب الشيخ زكريا بالذبحة الصدرية الأولى. وكانت قضيته مع الإذاعة وأم كلثوم قد وصلت إلى مرتبة خطيرة من العنف والشدة. وكان مرضه بالتمام في اليوم الثالث من كانون الأول/ ديسمبر 1953. كان الشيخ حساسا للغاية، لكن قليلا من الإطراء الصادق يغنيه عن ثروة.
إن زكريا أحمد يمتاز دون غيره من الموسيقيين العرب الكبار بمزاجه الخاص ذي المقومات المركبة. وأول ما يخطر ببال مصنفيه، أنه محافظ يعاند التطوير والتبديل. وهذا في الواقع تصنف غير دقيق. فالشيخ زكريا طور شكلين من أهم أشكال الغناء العربي، وأسهم في تطوير أشكال أخرى، لكن تطويره لم يمس آلات الموسيقى العربية أو المقامات العربية أو الإيقاعات. فأسس تطويره على ملامح عربية أصيلة، فحفظ المضمون وبدل في الأشكال، منطلقا من الأشكال الأصلية، ولذا قد يهم الناس في جعله رجعيا في الفن، وهو خلاف ذلك.
وقد قيل عنه أنه جاهل لأنه لم يكن عالما بالأساليب الغربية في الموسيقى. لكن الشيخ زكريا كان مثقفا كبيرا في ثقافته العربية. وكان لا يفوت لحنا إلا حفظه، حتى سماه كامل الخلعي: "الملقاط"، وفي الآداب كان يؤثر كتابي أبي حيان التوحيدي "الإمتاع والمؤانسة"، والجاحظ "البخلاء". بل كان شاعرا مفطورا، طغى حسه الموسيقي على فطرته الشعرية، فطمسها.
وظل زكريا في الواقع يؤلف حتى أخر عمره، وإن لم ينشر. وكان يعدل الأزجال التي لحنها، ومنها أنه اقترح إبدال "أنا في انتظارك" من "أنا في استنظارك" فوافقه بيرم. ولم يكن حسه الشعري ضمانا لانخراطه في مجموعة بيرم التونسي وبديع خيري قلبا وقالبا فقط في هواهم السياسي والإجتماعي، بل كان هذا الحس الشعري يثرى كذلك حسه لإيقاع الكلمة والنغمة حين يغني.
وغناء الشيخ زكريا أحمد غناء مهم، على رغم جشة صوته، بل كان غناؤه مدرسة لكثير من المطربين، إذ كان يمتاز بعناصر منها:
النبر المؤخر، وهذا هو أوضح سمة في تقطيعه الغناء كما في ترداده لكلمة "جميل"، في جملة: "الورد جميل جميل جميل جميل الورد"، وينم نبره المؤخر الإيقاعي عن إحساس كامل وسيطرة مطلقة على إيقاع الكلم وتفعيلات الموازين. وكانت هذا السيطرة تبيح له التصرف بتقطيع الجمل كيفما يشاء.
العرب القديمة في الغناء والخنفة الموروثة عن أسلوب الإنشاد في القرن الماضي. وإذا تسنى سماع درويش الحريري في غنائه موشحاته، او داود حسني في أدوراه، فلن تظل ثمة غوامض في جذور زكريا وأصوله.
عرض صوته، وكان يستخدم الطبقات المنخفضة في تلوين غنائه على الدرجات المختلفة. من ذلك غناؤه: "ليلي ليلي يا ليل" في اللازمة الموسيقية التي تسبق مقطع: ويقصروك يا ليل، من أغنية: "أهل الهوى يا ليل".
الدقة في التلوين المقامي، إذ كان إحساسه للسكك المقامية في غنائه واضحا وضوحا مطلقا، فلا يترك ندحة للالتباس، ويؤدي بذلك تغييره المقام أثرا انفعاليا مضاعفا.
التصرف العبقري باللحن، وذلك الفضل فيه لخياله الموسيقي الخصب، ذي المؤونة الثرية بالموشحات وألوان التدويد والإنشاد.
كان زكريا غزير الألحان، لم يكن متفوقا بالكثرة بل بالجودة أيضا، لأنه كان يؤثر إنضاج العمل الوسيقي، إنضاجا صحيحا، ولو اقتضى طويلا، ولم يكن الشيخ زكريا ممن أدركتهم لوثة عقدة الغرب. ولم يكن من أولئك الذين يؤمنون اليوم في مصر وغير مصر، أن العلوم الموسيقية هي العلوم الموسيقية الغربية وحسب. كان يعرف أن جهل الموسيقى موسيقاه العربية وأصولها وجذورها، هو جهل ولو امتلك علوم الغرب الموسيقية كلها.
إن العنصر الإنفعالي في موسيقى الشيخ زكريا هو أعظم ما تتصف به ألحانه من حيث المضمون. وهو يتبع في المعتاد لتصعيد الانفعال في ألحانه أسلوب التتالي، وهو أسلوب ترداد فقرة موسيقية على درجة أعلى أو أخفض، مثنى وثلاث، حتى بلوغ ذروة الانفعال.
رياض السنباطي
أخذ السنباطي يجول مع والده في الأرياف بعدما استقروا في المنصورة، وبدأ الفتى يشتد عودا في الغناء، ويطول باعا في العزف، حتى لقب بـ" بلبل المنصورة " وهو لم يزل في الثانية عشرة من عمره.
كان السنباطي في السابعة عشرة من عمره حين مضى إلى القاهرة واستقر فيها، ولم يلبث أن دخل معهد الموسيقى العربية تلميذا، فارتأى معلموه أن هذا الفتى الناحل يعلم من فنون والده أكثر مما يعلمون، وأنه يضرب على العود أحسن مما يضربون، فعينوه أستاذا لتعليم الموشحات والعزف على العود في المعهد، واعتد بشبه إجماع في طليعة عازفي العود العرب، إن لم يكن أعظمهم. هناك كان رياض يلتقي أمير الشعراء أحمد شوقي والمطرب الشهير الذي كان يرعاه: محمد عبد الوهاب. ويروي السنباطي أن أول لحن وضعه ليغنيه هو قصيدة شاعر المنصورة على محمود طه: " يا مشرق البسمات أضئ سماء حياتي".
في صحبة هؤلاء القوم أخذت مشاعر بلبل المنصورة ترتقي، ومداركه تسمو، فاستساغ الشعر الذي أوحى إليه فيما بعد أعظم ألحانه. وكان من شأن هذه العشرة أنها شدت عريكته في الفن وألهمته الصرامة والجد وابتغاء المستوى والتميز واجتناب السهولة وإغراء الرواج الرخيص. وتعرف على حسين المنسترلي فعرفه بشركة {أوديون} الشهيرة للأسطوانات وأخذ يسجل لديها ألحانه لقاء أجر زهيد جدا، فغنى بصوته لكنه آثر التلحين. فغنى له عبد القادر "أنا أحبك وانت تحبني"، وغنت له منيرة المهدية أوبريت {عروس الشرق}، فاشتهرت شهرة طيبة وغنى له عبد الغني السيد {يا ناري من جفاك}.
قبل عام 1948 ظهرت ملامح التلحين بالأسلوب السنباطي المعتمد على الإيقاعات العربية الوقورة، والبحور الشعرية التقليدية الفسيحة، والكلمة الفصحى التي تقتضي في الإجمال لحنا مركزا، والسكك المقامية الراسخة البعيدة عن المغامرة، لكن كثيرا من ألحان السنباطي قبل 1948 كانت تنم منها أعراض التأثر المباشر الصريح بمن عملوا معه من عباقرة اللحن، فانصرف إلى أسلوبه الخاص يعلي صرحه لبنة لبنة، حتى اختلط الأسلوب الكلثومي في الغناء بالأسلوب السنباطي في التلحين، و***ن لرياض أن يقول: {قصة حياتي هي أم كلثوم}.
أما مرحلة الكلثومي، فهي الخطيرة من عمر السنباطي، بدأت بلحن من أكبر ألحانه: "رباعيات الخيام"، التي يعدها ثالث الإثنين تحفة عمره، مثلما يحق لكل من السنباطي وأم كلثوم أن يعدها تحفة عمره. وكان أول ما لحنه من الرباعيات، الرباعية البادئة بقوله: "أطفئ لظى القلب بكأس الشراب"، فأبدل من الكلمتين الأخيرتين عبارة: "بشهد الرضاب"، عملا بمسالك الوقار الذي وسمه في كل مناحي نشاطه. وفي السنة نفسها غنت له أم كلثوم قصيدة "النيل" التي قالت فيها إنها معجزة شوقي، وقال فيها عبد الوهاب إنها من أجمل ما وضع السنباطي من ألحان. وغنت أيضا: "ياللي كان يشجيك أنيني"، ولحن في السنة التالية أغنية: "سهران لوحدي" التي أخذت أم كلثوم شعرها من محمد عبد الوهاب سنة 1944.
وكرت سبحة الكلثوميات الكبيرة: يا ظالمني- وجددت حبك ليه- ذكريات، وفي سنة 1958 ظهرت مجموعة من الكلثوميات المشهودة التي أرست طابع الأغنية السنباطية المسرحية: أروح لمين- أنا لن أعود إليك- شمس الأصيل وعودت عيني وغيرها من الأغاني.
لم تكن القصيدة العربية وحدها هي التي وسمت ملامح نتاج السنباطي الكلثومي، وهي ملامح أثرت حتى في أغنياته الزجلية الكلثومية أيضا، بل اتخذت الأغنية الدينية والقصائد الوطنية مكانتها في تشكيل هذا الصرح. وكانت لأمير الشعراء الحصة الكبرى في اغنيات أم كلثوم الدينية: من سلوا قلبي إلى نهج البردة الخالدة المعارضة لبردة البوصيري.
ولحن السنباطي الكثير من أغنيات أم كلثوم السياسية والوطنية، فبلغت ثلاثا وثلاثين، أشهرها نشيد الجامعة ونشيد بغداد ، وقصيدة "النيل" وغيرها.
ويجمل جبرائيل سعادة مجموع ما غنت أم كلثوم من أنغام السنباطي، بست وتسعين أغنية: إحدى وعشرين قصيدة وأربعة عشر مونولوجا، وثلاث عشرة طقطوقة، وثلاث وثلاثين وطنية، وخمس عشرة أغنية سينمائية. أما المصري وكامل فيحصيان إحدى وتسعين أغينة من ألحانه.
أشكال الأغنية السنباطية:
• حيرت قلبي معاك: مطلعها مطول يضم خمسة أبيات تغنى بعد المقدمة الموسيقية. والأغنية بعدئذ تحتوي على ثلاثة مقاطع: "يا قاسي"، و"يا ما ليالي"، و"خاصمتك"، وهي مختلفة الألحان. لكن ختام كل مقطع يعاود بالكلام نفسه واللحن نفسه ختام المطلع: "بدي أشكيلك". ولذ يتعذر القول إنها من شكل المونولوج المقيد، لأن ختام المقاطع هو مذهب غير مستقل يعاود اللحن على الكلام نفسه. وكذا يصعب القول إنها طقطوقة لأن كل مقطع أشبه بمونولوج مستقل اللحن والمزاج. والمقطع الأخير جزء كبير منه مرسل. وإنما هذا شكل أساسي من الأشكال التي نسج عليها السنباطي كثيرا من أغنيات أم كلثوم المسرحية.
• أروح لمين: تبدأ بالمقدمة الموسيقية ثم المطلع: أروح لمين وأقول يا مين. ثم ثلاثة مقاطع أيضا: "كلمة ونظرة عين"، و"يطول بعدك"، و"أروح لمين". وهي جميعا مختلفة الألحان، لكنها تنتهي إلى لحن موحد على كلام خفيف: "لوعني حبك"، و"لحد إمتى"، و"شوف دمعي جاري"، والأخير مختلف قليلا في البدء، لكنه ينتهي إلى الختام ذاته: "أروح لمين وأقول يا مين ينصفني منك"، وهذا على شكل الأغنية السابقة، لولا تبدل كلام الختام في المقاطع الثلاثة.
• لسه فاكر: مقدمة موسيقية ثم ثلاثة مقاطع.
• يا ظالمني: إحدى أعظم الأغنيات الكلثومية السنباطية المسرحية، وهي تتضمن مقدمة موسيقية ومطلعا وثلاثة مقاطع.
• دليلي احتار: مقدمة موسيقية، ثم مطلع قصير متصل بالمقطع الأول.
• غلبت أصالح بروحي: مونولوج مقيد نموذجي، علاوة على أنها من أجمل الغناء العربي على الإطلاق.
المقدمة الموسيقية فيها طويلة ومركبة وجميلة، المقطع الغنائي في المقابل قصير، من بيتين.
القصيدة السنباطية:
• مصر تتحدث عن نفسها: قصيدة مطلعها وختامها على مقام واحد على ما يقتضيه شكل قصيدة الشيخ أبي العلاء. وهذه القصيدة مقامها الراست، وهي مقسمة إلى خمسة مقاطع، وملحنة على مبدأ القصيدة التقليدية، إذ تتفق الجملة الموسيقية مع طول البيت أو مع عدد من الأبيات. وفي هذه القصيدة خمسة مقاطع: أولها أربعة أبيات تبدأ بقولها: "وقف الخلق ينظرون جميعا"، وهي ملحنة على مقام الراست. تلي المقطع الأول لازمة شبيهة بالمقدمة الموسيقية، وتبدأ من الدرجة الموسيقية ذاتها، لكنها على مقام الحجاز لأنها تمهد للمقطع الثاني وهو على مقام الحجاز: "أنا إن قدر الإله مماتي". ومن الدرجة الموسيقية ذاتها لازمة على مقام البياتي تمهيدا للمقطع الثالث: "كم بغت دولة علي"، ثم لازمة أخرى مشابهة، على مقام الكورد للمقطع الرابع: "أمن العدل أنهم"، ويتكرر الكورد في المقطع الخامس: "قد وعدت العلا"، الذي تعود فيه عند قولها: "وارفعوا دولتي على العلم والأخلاق" إلى مقام الراست، من أجل أن يعود باللحن إلى ختام المقطع الأول: "أنا تاج العلاء في مفرق الشرق". إنها أغنية من أقوى ما وضع السنباطي سبكا وفكرا موسيقيا، ولحنها من أجمل ما لحن.
• سلو قلبي: قصيدة أخرى من القصائد الكلثومية التي وسمت طابع الأغنيات السنباطية المسرحية، وهي مسبوكة سبكا ينم عن تفكير موسيقي خطير بلغ ذروة قلما تدرك. والعمود الفقري في شكل هذه القصيدة هو اللوازم الموسيقية التي تتردد بانتظام محسوب وبتبديل مقامي مرتب. واللوازم تمهد مرة لإعادة ما سبقها من أبيات، ومرة تمهد لأبيات جديدة، على مقام جديد. ولذا فإن لحن خواتيم الأبيات كثيرا ما يناسب لازمتين على مقامين مختلفين في آن، وبيان ذلك: أن القصيدة على مقام الراست، وهي تبدأ وتنتهي إذن على هذا المقام.
لقد تأثر السنباطي بعبد الوهاب وبالقصبجي. وكان أثر زكريا أحمد فيه أقل بيانا، لكن السنباطي ككل فنان عظيم حين ينضج ويشتد عوده، اختط لنفسه سبيلا خاصة به، بدت واضحة على الخصوص في كلثومياته. فإيقاع لحنه اتخذ إيقاع البحور الشعرية العريضة التي استساغتها أم كلثوم، وإيقاع الكلمة العربية الفصحي ذات البيان والوقار. وكذا اتسمت بالوقار سككه المقامية التي تجنبت مغامرات التلوين غير المألوفة، وصاغت القفلات المسرحية صياغة متأنية تتصاعد تصاعدا مدروسا ينتزع الآه من القلوب، وأحيانا الطرابيش من الرؤوس. ولعل تمرس السنباطي في أغنيات أم كلثوم المسرحية طوال عقود، جعله سيدا لا يجارى في هذا اللون. والخبراء يعلمون ما للغناء المسرحي من متطلبات دقيقة، هي الحد الفاصل بين الفشل والنجاح.
أما المضمون النغمي، فيرى نقاد كثر أن السنباطي اتخذ اللون الصوفي، فنسج منه قماشة ألحانه السنباطية الخالصة، وفصل منه عشرات الأغنيات التي تسمعها، فلا تخطئ فيمن لحنها. ولا شك في أن أجواء القصائد التي اختار السنباطي أن يلحنها، أوحت إليه بمستواها الراقي، ألحانا من المستوى والأجواء نفسها.
ولألحان السنباطي سمة أخرى هي أنه ينسج الأغنية من أولها إلى آخرها على مزاج واحد لا يفارقها. ولم يكن ذلك مسلك عبد الوهاب والقصبجي، في معظم ألحانهما، إذ انصرفا إلى التجديد. وثمة من يحب أن يضيف إلى ملامح الأسلوب السنباطي الخاص، المكوث على الطابع العربي الخالص، لا تخالطه بدعة ولا هرطقة.
وكذلك فإن السنباطي لم يكن صارما مع الآخرين فقط، بل مع نفسه أولا، فرفض لألحانه الإنحدار بعدما أدركت الذرى. ولعل من يقارن السنباطي بعبد الوهاب كمن يريد استعادة قول الفرزدق في مقارنة نفسه بجرير، إذ قال: جيده أجود من جيدي، ورديئه أردأ من رديئي.
وكذالك لحّن رياض السنباطي "شمس الأصيل"، و"مصر التي في خاطري"، فكان بعضا من أهرامها، وفرعا من نيلها، ووجهة نظر عبقرة في الموسيقى العربية المعاصرة.. وجهة نظر استطاعت بحجمه أن تدخل التاريخ، حتى قبل رحيله.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق